التفكير التصميمي بعين مسوّق

كمسوّق .. وتحديداً كمهتم جداً بتجارب العميل مع البراند، وجدت أن التفكير التصميمي أفضل "عريس" لـ"تجربة العملاء".

أول ما تبادر لذهني في بداية قرائتي عن هذا النهج الجميل هو أني لابد أن أحدد الفرق بينه وبين طريقة حل المشاكل التقليدية. وإن معرفتي للفرق سيسهل فهمه.

مقالي سيكون "خالي الدسم" ومباشر ، ويتمحور حول ثلاث نقاط أساسية :

- ما هو التفكير التصميمي ؟
- الفرق بينه وبين الطريقة التقليدية لحل المشاكل
- وسبب حبي لهذه المنهجية ؟

 

التفكير التصميمي ؟

شخصياً .. أعتبر التعاريف مملة، ولا أحب حفظها، وبدلاً من ذلك، أضع يدي على الكلمات المفتاحية التي بُني عليها التعريف وأشكّل تعريفي بنفسي.

طيب .. ما هو التعريف والكلمات المفتاحية التي استنبطتها منه، وللعلم، الكلمات المفتاحية في نظري قد تختلف في نظر شخص آخر  وذلك لاختلاف طريقة التفكير وما يعتبره شخص ما مهم يعتبره شخص آخر أمر عادي.

طبعاً أفضل من يعرّف التفكير التصميمي هي الشركة الأعظم والرائدة في هذا المجال، والتي صُنّفت العاشرة بين 25 شركة الأكثر إبداعاً، والـ16 في قائمة Fortune الـ100 لأفضل خيار لطلاب الماجستيرMBA ، والعديد من الجوائز الأخرى في مجال الإبداع والتصميم، وهي شركة IDEO آيديو ideo.com

تعريفهم هو : 

Design thinking is a human-centered approach to innovation that draws from the designer's toolkit to integrate the needs of people, the possibilities of technology, and the requirements for business success.” 
Tim Brown, president and CEO

 إقرأ أكثر

 

إستنبطت من تعريف الشركة للتفكير التصميمي الكلمات المفتاحية التالية :

- منهجية Approach : أي أنه نهج، أسلوب إطار عمل Methodology، Framework.
- التمحور حول الإنسان Human-centric : أي أن الإنسان أو المستخدم واستفادته الفعلية هي مصب إهتمام من يطبق هذا النهج، وأن التعاطف مع العميل أحد أهم ركائزه.
- الإبتكار  Innovation : يعني لابد أن يكون خلّاق، مليئ بالأفكار غير التقليدية للوصول لحلول إبداعية.
- مصمم Designer : التفكير بنفس طريقة تفكير المصمم، وطبعاً من هنا كانت التسمية، سأتحدث أكثر عن هذه النقطة.

هذه هي الكلمات المفتاحية التي شكلت منها التعريف البسيط التالي :
منهجية تتمحور حول المستخدم لإبتكار حلول إبداعية له بطريقة تفكير المصممين.


لكن كيف يفكر المصمم ؟

الجواب على هذا السؤال هو تحديداً مراحل العمل في هذه المنهجية، والتي أكتب عنها الآن مقال آخر مفصل سأطرحه قريباً، وهي كالتالي :

أولاً : التعاطف - Empathize

“To create meaningful innovations, you need to know your users and care about their lives”
"لتصنع إبداع ذو معنى، تحتاج للتعرف على المستخدم والإهتمام بحياته"


النظر  إلى الأمور بعين المستخدم أو العميل، بإن تضع نفسك مكانه وتفكر بتفكيره، وتحس بإحساسه، تعيش اللحظة التي يعيشها، تتقابل معاه وتسأله، هذا الشي هو ما يجعل الحلول اللي تصل إليها حلول ذات قيمة ونفع وفائدة حقيقية يلمسها العميل ويشعر بها.
 

ثانياً : التحديد Define - 

“Framing the right problem is the only way to create the right soluction”
“تأطير المشكلة الصحيحة .. هو السبيل الوحيد لإيجاد الحل الصحيح"


الفريق في هذه المرحلة، كما هو واضح من الإقتباس، يحاول تحديد مالذي يتعاملون معه، وما هي المشكلة، وأيضاً محاولة ربط الأمور ببعضها واستنتاج منها معاني، يعني من الآخر  make sense من المعلومات التي تحصل عليها في مرحلة التعاطف.
 

ثالثاً : التصور وطرح الأفكار- Ideate

“It’s not about coming up with the ‘right’ idea, it’s about generating the broadest range of possibilities”
"الأمر لا يتعلق فقط بإيجاد الفكرة الصحيحة، ولكن لصنع أوسع نطاق للإمكانيات"


هنا تُطرح الأفكار، الكثير من الأفكار كمقترحات أولية للحل، وكلما زادت الأفكار كلما كان النطاق أوسع وهذا هو المطلوب من هذه المرحلة، وهو توسيع النطاق والإمكانات، وخلق سبل وطرق إبداعية ومتنوعة للحل.
 

رابعاً : بناء النماذج Prototyping

“Build to think and test to learn.”
"إبني لتفكر واختبر لتتعلم"


بناء النماذج الأولية للحل المقترح، بناءاً على أفضل الأفكار المقترحة في المرحلة السابقة، هذه النماذج  يتم إختبارها في المرحلة التالية.


خامساً : الإختبار Test

“Testing is an opportunity to learn about your solution and your user.”
"الإختبار هو فرصتك لتتعلم أكثر عن جدوى حلولك وعن المستخدمين."


وهو إختبار النماذج على المستخدمين المحتملين للحصول على تغذية عكسية Feedback عن مدى نجاعة أو ملائمة الحل لهم، بعد ذلك يقوم الفريق بعمل التعديلات اللازمة لتحسين وتطوير الحل.

 

أقوم الآن بكتابة مقال آخر مطوّل أشرح فيه بتفاصيل أكثر  عن كل مرحلة على حدة، مع أمثلة توضيحية وصور ، تمكنك من أخذ تصور كامل عن هذا النهج الرائع.


الفرق بين التفكير التصميمي والطريقة التقليدية لحل المشاكل ؟

التفكير التصميمي يعالج ويركز على جوانب غالباً لا نركز عليها في طريقتنا الإعتيادية في حل المشاكل، مثل :

- التمحور حول المستخدم
- التركيز على الحل وليس المشكلة 
- التركيز على الإبداعية في الحلول
- الأفكار، الكثير من الأفكار سواءاً كانت منطقية أو غير منطقية
- الأفكار الكثيرة توسّع مساحة العمل، بالتالي نطاق أوسع في العمل 
- بناء النماذج وإختبارها وإعادة تصحيحها بما يتلائم مع المستخدم

وهذا يفسّر عدم نجاعة، وديمومة الحلول بالطريقة التقليدية، لأن النماذج والإختبارات والمراجعات والتعديلات تعطي تصور حي للنموذج المقترح وكأنما  أطلقته بشكل رسمي، بينما في الطريقة التقليدية يتفاجأ الناس أو المستخدمين بمنتج، أو حل أو خدمة لم يعرفوا عنها مسبقاً فضلاً أن تناسبهم.


النقطة الأخيرة، سبب حبي  لهذا النهج ؟

في تخصصي التسويق، إهتمامي مُنصب بشكل كبير لما يسمى "تجربة العملاء" وهي أحد الجوانب بالغة الأهمية في التخصص، والتي هي أيضاً تجعل العميل محور الإهتمام، من خلال توفير وتصميم تجارب فريدة لا تُنسى له. كما تعتبر العميل ركيزة نمو الشركة في الأرباح وكذلك السمعة لما يتناقله العملاء من التجارب الجميلة إلى عملاء آخرين، ولأن العملاء السعيدين بالتجربة يعاودوا الشراء مراراً وتكراراً.

بعد قرائتي عن التفكير التصميمي وجد تشابه كبير بينه وبين "تجربة العملاء" في التمحور حول العميل أو المستخدم، والإهتما م والعناية به جيداً، وأن رضاه هو معيار النجاح لكليهما.

آلية العمل بنهج التفكير التصميمي هي أنسب وأجمل منهجية لتصميم تجارب تتناسب وترضي العميل، لأن النهجين يفكران بعين العميل أو المستخدم. لذلك أحببت هذه المنهجية لأنها تسهل عملية إبتكار تجارب إبداعية تسعد و ترضي العملاء.

في النهاية، التفكير التصميمي لم يقتصر على المصممين وتجاوز إلى تصميم المنتجات والخدمات، ثم تجاوز  إلى إعداد الخطط والإستراتيجيات، هو أداة يمكن قولبتها وتوضيفها كما تشاء، فقط إعرف جيداً ما تريد .. وانطلق.


بقلم : alii @aliialhsn

Abdullah Aljohani