التفكير التصميمي (العقلية وطرق التفكير)
عبدالله الجهني - 20-12-2018
التفكير التصميمي ( العقلية وطرق التفكير )
مدة القراءة المتوقعة: 4 دقائق ونصف
في المقال الأول ضمن سلسلة التفكير التصميمي تحدثنا عن مقدمة حول هذه المنهجية وفي هذا المقال سنتحدث عن العقليات وطرق التفكير التي تحتاج أن تتحلى و تؤمن بها لتساعدك على المضي قدماً في الإستفادة من التفكير التصميمي كما يجب.
الثقة الإبداعية
أي أحد يمكنه أن يتعامل مع العالم كمصمم، في الغالب كل ما تحتاجه لتحل المشاكل كمصمم هو شيء من الثقة الإبداعية. الثقة الإبداعية هي الإيمان بأن الجميع مبدع ويملك القدرة على صنع حلول إبداعية، وأن هذا الإبداع لا يعني بالضرور القدرة على الرسم أو التصميم البصري، لكنه الإبداع في طريقة فهم العالم من زوايا مختلفة.
الثقة الإبداعية كما تصفها أيديو أنها تلك الميزه التي يعتمد عليها المصممون الذين يركزون على الإنسان عندما يتعلق الأمر بصنع حلول خارج الصندوق، و الثقة بحدسهم، ومطاردة الحلول التي لم يكتشفوها بعد. الثقة الإبداعية هي الإيمان العميق بأنك تستطيع، وسوف تصل إلى حلول إبداعية مبتكره للمشاكل الكبيرة، والإيمان أن كل ما يحتاجه الأمر هو التشمير عن ساعديك والغوص أعمق في صنع الحل.
أهمية هذه الذهنية والعقلية هي أنها ستعطيك القوة والدافع للبدء بوضع الحلول وإختبارها وإرتكاب الأخطاء ، والتي ستعطيك معلومات أكثر لمواصلة التعمق لصنع حلول أجود، والإبتكار على طول الطريق.
بالتأكيد يحتاج الأمر إلى الشجاعة الإبداعية في البداية لمجرد البدء و المحاولة. وستأتي وتزداد الثقة لديك كل ما تعمقت أكثر. وستنضج بمجرد ما تجد أنه بإيمانك بإجراءات التفكير التصميمي، قد وصلت لحلول إبداعية مبتكرة للمشاكل التي كانت بين يديك.
عقلية الصنع
في التفكير التصميمي المتمحور حول الإنسان الصنع جزء مهم من الإجراءات. لأن هذه المنهجية تؤمن تماماً بالقوة التي تملكها القدرة على اللمس، وأن تحويل الأفكار المجردة إلى شيء ملموس يكشف الكثير من المعلومات، والتي يمكن من خلالها أختبار صلاحية الفكرة و تحسينها إن وجب. لأنه عندما يكون الهدف هو الحصول على حلول مؤثرة في العالم لا يمكن الإعتماد على النظريات المجردة بل يجب أن نجعلها حقيقية ملموسة يمكن اختبارها.
في التفكير التصميمي تُستخدم كل الأشياء المتوفرة البسيطة لبناء الإفكار وتحويلها إلى نماذج أوليه يمكن اختبارها ووضعها بين يدي الفئة المستفيدة من الحل، للحصول منهم على ردود الفعل الصريحة القابلة للقياس والتنفيذ بناء عليها.
في التفكير التصميمي لا يهم الأدوات التي تستخدمها، أو مدى جمالية النتائج، المهم هو اختبار صلاحية الفكرة ومحاولة تحسينها بأكبر قدر ممكن. و دائماً ما تدفع هذه المنهجية نحو إخراج الأفكار من العقول إلى أيدي الناس المراد خدمتهم.
التعلم من الفشل
جزء لا يتجزأ من التفكير التصميمي يدور حول بناء النماذج والتجارب و الإختبارات، مما يعني أنها بكل تأكيد لن تنجح جميعها. المهم أن تعي أن الفشل هو أعظم رافد للتحسين لأنه يعطيك بصائر لم تكن لتحصل عليها بدون بناء هذه النماذج وأختبارها. وبتبني العقلية الصحيحة سيتحول هذا الفشل إلى تغذيه لصنع النجاح.
العمل بالتفكير التصميمي يعني البدء من نقطة لا تعرف فيها الإجابة، ولا ماهي الحلول الممكنة للمشكلة التي بين يديك، لكنك متأكد من أنه مع الإستماع الجيد، والتعمق في البحث والرصد و الملاحظة وبناء النماذج والتجارب والتحسين المستمر ستصل للحل الإبداعي المبتكر. مهم جداً أن تتخلص من الخوف من أخذ المخاطرة والتجريب لأنك ستحرم نفسك من فرصة الوصول لحلول مبتكرة غير مسبوقة.
الفشل في البداية ليس أمراً مستغرباً في التفكير التصميمي، بل إن الوصول للحل من أول مره يتنافى مع واحدة من أهم عناصر التفكير التصميمي وهي تجاوز الحلول الواضحة والدفع أكثر نحو حلول إبداعية غير متوقعه.
التعاطف
التعاطف هو القدرة على وضع نفسك في مكان الأخرين. وهي عقلية مهم أن تتحلى بها عند العمل بالتفكير التصميمي. الحلول التي نصنعها من خلال التفكير التصميمي يجب أن تكون من وجهة نظر المستخدمين لهذه الحلول من خلال التعاطف ووضع نفسك في حياتهم وطريقة تفكيرهم.
من خلال التعاطف يمكننا أن نرى العالم من وجهات نظر مختلفة بعيداً عن تصوراتنا وفهمنا نحن البعيدين عن المشكلة وهو باب عظيم للإبداع وصنع حلول وظيفية يمكن الإستفادة منها بشكل صحيح. ومن خلال التعاطف أيضاً نتخلص من التصورات المسبقة والتي بالإعتماد عليها يمكن أن نصنع ونصمم حلول غير مجدية بعيدة عن الواقع.
التكرار ثم التكرار
لأن التفكير التصميمي يتمحور حول الإنسان وصنع حلول من وجهة نظر المستخدمين للحل، فإن التغذية الراجعة أعظم رافد للوصول للحل الأكثر ملائمة وبالتالي فالتفكير التصميمي يعتمد على التكرار في إجراءات التصميم، الإلهام، العصف الذهني، بناء النموذج الأولي ووضعه بين يدي المستخدمين وأخذ التغذية الراجعة للتحسين وتكرار هذه الإجراءات مره بعد مره.
التكرار يعطيك فرصة أسرع لإختبار الحل الذي وصلت له من خلال وضعه بين يدي المستخدم، بدلاً من أخذ وقت طويل جدا في تحسين شكل الحل قبل إختباره من خلال المستخدمين وقبل معرفة إن كان أصلا مناسب أو لا.
في الأصل نحن نكرر العميلة لأننا متأكدون من أننا لن نصل للحل من أول محاولة، أو حتى الثانية .. لكن التكرار يعطينا التأكيد أنه بمجرد ما نصل للحل فهذا الحل سيتم تبنيه وإستخدامه والإستفادة منه لأنه قام على رأي المستخدم وتفضيلاته ولأنه مع كل تكرار تم قياس نجاح الحل وتحسين كل نقطة ممكنه فيه.
التكرار أيضاً يسمح لنا بالخروج من مكاتبنا وورش العمل الخاصه بنا إلى العالم الحقيقي والتفاعل مع من نصمم لهم وجعلهم المرشدين لنا لصنع الحل الإبداعي الذي لم يٌسبق.
شكراً لقرائتك المقال، وإلى اللقاء في المقال القادم من سلسلة التفكير التصميمي.
كتبه: عبدالله الجهني.
المرجع: www.ideo.com