لماذا مسابقات تصميم الشعارات نموذج سيء للتصميم؟
قبل عدة أيام طرحنا استفتاء في حسابنا على تويتر حول رأي متابعينا حول مسابقات تصميم الشعارات وهل يعتبروها جيدة أم سيئة وتقلل من احترام المصمم. وكانت النتيجة العامة للإستفتاء كالتالي:
٢٥٪ جيدة ومفيدة
٣٧٪ سيئة وتنتقص من حقوق المصمم
٣٨٪ لا أعلم
وبناء على ذلك رأينا أنه مناسب جدا الحديث عن هذا الموضوع في مدونتنا كجزء من حزمة التثقيف التي نطرحها هنا.
مجال التصميم في المنطقة لا يزال في سنينه الأولى نسبياً، والكثير من الممارسات الصحيحة ليست راسخة، وهناك تصورات ومفاهيم لا تزال خاطئة عن التصميم ودوره و ممارساته الصحيحة. هذه المفاهيم قادت إلى ممارسات خاطئة تجاه المصمم من جهة وتجاه العملاء من جهة أخرى. ومما زاد من تأصل الموضوع هو أنه ليس هناك جهة أكاديمية أو مؤسسية ذات تأثير واضح - باستثناء جزالة - مهتمة بالتثقيف حول التصميم كصناعة وحرفة.
من جهة اجتماعية يعتبر الكثير التصميم هو الباب الأخير الذي يقرع لتحصيل المال وربما رأه البعض على أنه وظيفة من لا وظيفة له. وبمجرد تعلم أحدهم بعض مهارات أداة تصميم معينة اعتبر مصمم يعبر ويعكس وجهة نظر صناعة التصميم ككل. إلا أن معرفتك لوضع طوبه على أخرى لا يجعل منك أبداً مهندساً معمارياً.
ومن جهة العميل، الكثير من العملاء يحتاجون إلى تثقيف عالي في دور التصميم ضمن مشروعه التجاري وأن الأمر لا يقتصر على مجرد مجموعة عناصر أو ألوان مع شعار شركته. الأمر أوسع وأهم من ذلك بكثير ودور التصميم يتعدى أيضا الجمال إلى حل المشاكل و إيصال رسائل العمل التجاري والعلامة التجارية بشكل صحيح ودقيق جداً.
كل هذا النقص في الفهم أدى إلى تلك الممارسات التي تكلمنا عنها ومنها موضوع مقالنا هذا وهي مسابقات التصميم والطريقة التي تقدم وتدار بها هذه المسابقات خصوصا مسابقات تصميم الشعارات التي نراها في مواقع التواصل الإجتماعي من فترة لأخرى.
مسابقات التصميم قائمة على مبدأ حاجة العميل لتصميم معين على سبيل المثال شعار لمؤسسته فيقوم بطرح طلبه بشروط موجزه ليتقدم من يريد بمشاركته و في الأخير يختار العميل عمل واحد ليفوز بالجائزة.
وهذا النموذج للحصول على خدمات المصمم فيه الكثير من الإشكاليات:
مخرجات سيئة
مسابقات التصميم نموذج لن تكون مخرجاته جيدة في الأغلب، وذلك لأنه لا يتبع الإجراءات الصحيحة التي تتبع في حالات التصميم الصحيحة مثل التعرف بشكل دقيق على تفاصيل المشكلة المراد حلها من خلال التصميم، وكذلك التعرف عن قرب على المشروع المراد التصميم له وفئته المستهدفه.
هذه المرحلة من مشروع التصميم ملغاه تماما في مسابقات التصميم. اجراءات أخرى تكاد تكون معدومة في مسابقات التصميم هي البحث،العرض والتغذيه الراجعة، المراجعة بعد التنفيذ وهي مراحل مفصلية للخروج بتصميم يخدم المؤسسة أو العمل المراد التصميم له. لقراءة المزيد عن هذه الإجراءات يمكنك قراءة هذه المقالات من جزالة :
- إجراءات تصميم الشعارات لأفضل المصممين
- عملية الخمس خطوات لتصميم الشعارات
- التخطيط للتصميم بطريقة صحيحة
- لم التصميم الإحترافي للشعارات يكلف أكثر من خمس دولار
عدم وجود أليه واضحة للإختيار
الإشكالية الثانية في المسابقات أنه ليس هناك ألية واضحة وصحيحة لإختيار التصميم الفائز، في الأغلب يتم الإختيار بناء على ذائقة العميل أو في أحسن الأحوال اللجنة المحكمة. وواحدة من القواعد الأساسية في التصميم الصحيح هي عدم النظر للجمال كعنصر أولي وأساسي للحكم على العمل التصميمي.
التصميم هو عملية دقيقة لحل مشكلة أو إيصال رسالة معينة، ومهما كان التصميم جميل فإنه لا يتعدى كونه قطعة فنية لا فائدة منها إذا لم يكن له هدف واضح يحققه ذلك التصميم.
وهناك أمر أخر يجب التنبيه له وهو أن العميل ليس دائما على حق فكما أن العميل خبير في إدارة مشروعة التجاري، أنت كمصمم خبير في الكيفية التي يمكن بها تحقيق أهداف مشروع العميل من خلال التصميم.
العمل بدون ضمان المقابل
@@النموذج الذي تعمل به مسابقات التصميم يقود إلى أن يعمل المصمم بدون ضمان مقابل ذلك العمل والجهد@@، فالفائز شخص واحد فقط أما البقية فكل الجهد الذي قاموا به ليس له مقابل والأسوأ أنه في بعض المسابقات يشترط أن تذهب حقوق الأعمال الخاسرة للجهة المقدمة لها التصاميم بحيث يحق لها إستخدام التصاميم بدون العودة للمصمم.
وهذا يشبه أن تذهب لطبيب أسنان وتخبره أنك ستدفع له إن أعجبك عمله فقط. أو أن تذهب لعدة مهندسين معماريين لتدفع فقط لأفضل منزل بعد الإنتهاء من تسليم جميع المنازل. وقد يحق لك أن تمتلك المنازل الأخرى إن اشترطت ذلك في البداية.
الخلاصة
نصيحتنا للعميل الذي يريد فعلا أن يستفيد من الحلول التي يقدمها التصميم لمشروعة التجاري هي أن يتعامل مع مصمم أو جهة تصميم يثق في أعمالهم ويعمل معهم بناء على الإجراءات الإحترافية للخروج بحل تصميمي مفيد ومخصص لمشروعه حتى لا تضيع موارده ووقته على تصاميم ليست مبنيه بشكل صحيح أبدا خصوصاً تلك التي تأتي من خلال إقامة مسابقة تصميم.
أما نصيحتي للمصممين ولمجتمع التصميم هي محاربة هذا النوع من الممارسات الإستغلالية التي لا تضمن حقوق المصمم ولا تعطي عمله القيمة التي يستحقها ولا تساعده في صنع حلول صحيحة ومؤثرة ايجابا على سوق الأعمال. يجب أن تقدر عملك كمصمم و تثقف عملاءك حول دورك الصحيح لتصبح ذلك المصمم العظيم الذي تطمح أن تكونه.
كتبه: عبدالله الجهني