حول الفن، التصميم والعصف الذهني

عبدالله الجهني - 11-01-2020

حول الفن، التصميم والعصف الذهني

مدة القراءة المتوقعة: 2:11 دقيقة

هل هناك فرق بين الفن والتصميم؟

حسناً صحيح أن التصميم والفن (البصري) يلتقيان في موضوع التعبير البصري إلا أن هناك إختلاف جذري بينهما.طبعاً الخلط الذي يحدث هنا مفهوم جداً لأن التصميم كثيراً ما ينظر إليه على أنه التصميم البصري الجرافيكي فقط، والنظر من هذه الزاوية هو ما يصنع الخلط.

أولاً التصميم ليس التصميم الجرافيكي فقط، فالمصمم معني بشكل أساسي بإستكشاف مشكلة عند فئة معينة والعمل على خلق حلول إبداعية ذات وظيفية عالية لهذه المشكلة بالتمحور حول هذه الفئة تحديداً. قد يكون الحل تصميم بصري، لكنه قد يكون مشروع تجاري، خدمة، تجربة، منتج، خطة عمل، ديكور … الخ.

الفنان في المقابل ليس معنياً بصناعة حلول، لأن الفن نشاط تعبيري بحت يتم من خلال التعبير عن قضية معينة، أو وجهة نظر أو شعور يتمحور حول الفنان نفسه.

ثانياً كون التصميم يعالج مشكلة فالمصمم مسؤول عن تقديم الإجابات من خلال الإجراءات التي يقوم بها. هذه الإجابات وجودتها وصلاحيتها لحل المشكلة هي ما يفرق مصمم عن أخر وهي ما يتم به قياس كفاءة المصمم.

الفن في المقابل لا يقدم إجابات بل يطرح الأسئلة، وربما قيست قيمة القطعة الفنية بمقدار الأسئلة التي تطرحها، والتفكير والتأمل الذي يمكن أن تصنعه لدى المتلقي ( الموناليزا وابتسامتها كمثال ). الفن يشجع التفكر الداخلي ويحفز على تعدد الإجابات كلاً بحسب رؤيته وترجمته للنتاج الفني.

ثالثاً كون التصميم معني بتقديم الإجابات وحل المشاكل فيمكن الحكم على النتيجة منه بالصحة والخطأ بناء على تمكنها من حل مشكلة الفئة المستهدفة بالشكل الصحيح أو لا.

أم الفن فلا يمكن الحكم عليه بالصحة أو الخطأ (على الأقل وظيفياً) لأنه كما قلنا نشاط تعبيري بحت، يمكنك قبوله أو رفضه لكن ليس هناك صح أو خطأ في الموضوع. على سبيل المثال لو أن مصمماً صنع كوباً بمقبض في أسفله! فبكل بساطة يمكننا الحكم عليه بالخطأ لأنه وظيفياً لا يمكن إستخدامه. لكن في المقابل لو كان هذا نتاج فنان في معرض أعماله فيمكن اعتباره قطعة فنية مدهشة لأنها ستجعلك تقف عندها للحظة وتتفكر، وتطرح الكثير من الأسئلة على عقلك. ربما ستجعلك تبتسم، أو تحزن، لكنك بكل تأكيد لن تفكر بأنها خطأ كعمل فني.

كيف أضمن نجاح أكبر في جلسات العصف الذهني؟

حتى نضمن نجاح أي جلسة عصف ذهني للخروج بحلول مبتكرة يجب أن نتأكد أولاً من وضوح المشكلة المراد حلها. في التفكير التصميمي نعمل عادة على صياغة المشكلة كعبارة أو سؤال محدد وواضح وأن يتوفر في هذا السؤال ثلاث أركان: تحديد الفئة المستهدفة، الإحتياج عند هذه الفئة المستهدفة، البصائر التي اكتشفناها في مرحلة بحث المشكلة.
على سبيل المثال بدلاُ من بدء جلسة العصف الذهني بعبارة ( كيف نشجع طلاب المدارس على تناول الطعام الصحي؟) تكون العبارة ( يحتاج طالب الصف المتوسط في السعودية إلى الشعور بالقبول الإجتماعي عند تناول الأكل الصحي في المدرسة لأنه في مجموعته القبول الأجتماعي أهم من العيش بصحة جيدة ).
في العبارة الأولى المشكلة واسعة جداً، وغير واضح بشكل دقيق من هم طلاب المدارس، أين وكم أعمارهم …الخ. بعكس العبارة الثانية الأكثر وضوح من جميع الجوانب.

ثانياً التنوع في فريق العصف الذهني يعني عادة نجاح أكبر للجلسة لأن التنوع في الخلفية العلمية، الإجتماعية، الإقتصادية … الخ يجلب معه وجهات نظر مختلفة من زوايا متعددة مما يعني أفكار أكثر تنوعاً و إبتكاراً. هذا الغنى لن يأتي إلا بهذا التنوع.

ثالثاً من المهم جداً الفصل بين مرحلة تخليق الأفكار، ومرحلة تقييم الأفكار والحكم عليها.
واحدة من أكثر الأخطاء التي تضمن لك فشل جلسة العصف الذهني هو الدمج بين هاتين العمليتين ( وبالمناسبة هو خطأ شائع جداً ).
في مرحلة تخليق الأفكار التركيز يكون على الكم وليس الكيف، في هذه المرحلة ليس مهماً جودة الأفكار لأننا نؤمن في التصميم أن الأفكار المبتكرة لا تأتي إلا بعد التخلص من الأفكار البديهية التي يعطيك إياه العقل في البداية. ونؤمن أن أيضاً أن العقل البشري لا يعمل بقدراته الكاملة إلا مع الإصرار عليه بتقديم المزيد والمزيد من الأفكار.
ثم في مرحلة مستقلة يمكننا تقييم الأفكار ومناقشتها والإختيار من بين الأفضل.

كتبه:
عبدالله الجهني

Abdullah Aljohani